المؤسسات التعليمية بالمغرب

Bellahcene Ahmed

أخبار التربية والتعليم

معلومات Bellahcene Ahmed

الاسم: Bellahcene Ahmed
المؤسسة: مجموعة مدارس 20 غشت
المهمة: Directeur
مسجل منذ: 2011-05-19
آخر تواجد: 2011-07-28 الساعة 23:46:47
مجموع النقط: 5.5

إعلانات

موضوع المشاركة:
الثقافة
يـــــــــوم: 11 - 10 - 11 | القـراءات: 421


لقد عاش جيلنا في زمن كانت فيه وسائل الإعلام الحديثة إما منعدمة أو في بداية عهدها. إذ لم تتطور وتنتشر إلا في الثمانينيات. بل إن بعضها مثل الكمبيوتر والهاتف النقال والانترنيت لم تعرف بداية ذيوعها إلا في النصف الثاني من التسعينيات.
وهكذا، فإن الثقافة في عهدنا كانت في مجملها مبنية على الورق: كتب، مجلات، ...
وقد كان شغفي بالقراءة مبكرا شيئا ما. فقد شرعت منذ السلك الأول في صرف وقت غير قليل في مطالعة الكتب التي كنت أقتنيها أو أستعيرها من أصدقائي. وكانت في معظمها عبارة عن كتب قديمة، بل في بعض الأحيان متآكلة، وكنت أحصل عليها بثمن زهيد.
في هذه الفترة، تعرفت على طائفة من الكتاب العرب والفرنسيين، أمثال : المنفلوطي، جبران، جرجي زيدان، طه حسين، نجيب محفوظ، ألفونس ضوضي، موليير، مارسيل بانيول، فيكتور هوجو، فولتير، وغيرهم.
ومن الأمانة الاعتراف بأنني لم أكن أهضم أو أفقه كل ما كنت أقرؤه آنذاك. غير أن ولعي بالمطالعة ساعدني على إثراء رصيدي اللغوي بشكل كبير.
ولا بد من الإشارة إلى أن الشعر العربي القديم كان يستهويني ويجذبني كثيرا لدرجة أنني كنت أحفظ بعض الأبيات أو القصائد عن ظهر قلب، مثل أشعار امرىء القيس وزهير بن أبي سلمى والمتنبي والبحتري، ...وإلى الآن ما زالت بعض أبيات من المعلقات راسخة في ذاكرتي. وهذا يدل على أن الشعر الجيد مصيره الخلود. فقد مضى أكثر من أربعة عشر قرنا على هذا الشعر دون أن يطاله البلى والنسيان ومن غير أن يفقد شيئا من رونقه وروعته.
ولا مراء في أن أشعار المتنبي مثلا ما فتئت إلى يومنا هذا على كل ألسن مستعملي لغة الجاحظ. فمن منا لا يحفظ أبياتا له صارت من زمان مضرب الأمثال لما فيها من المعاني الدقيقة والحكم العميقة والكلمات الرقيقة.
ويجدر التأكيد هنا على الدور الذي كانت تلعبه الكتب المدرسية السائدة آنذاك. فقد كانت حافلة بشعر متنوع ونصوص أدبية رفيعة المستوى. كما أن الأساتذة كانوا يحثون تلامذتهم على القراءة ويحببونها إليهم ويحفزونهم على الاستزادة منها. غير أن ذلك لا يعني أن المجهود الشخصي لا أهمية له، بل بالعكس، إذ لا شيء يعدل الرغبة الذاتية والميل الفردي للمطالعة.
وقد ساعدني شخصيا ذلك فيما بعد، حيث أقبلت دون مشقة تذكر على الاطلاع إنتاجات أدباء كبار مثل الجاحظ والمعري والعقاد وتوفيق الحكيم وبلزاك وكامو وراسين وسارتر ودستويفسكي وغيرهم.
وقد تيسر لي مع مرور الأيام أن أنشىء خزانة شخصية تضم عددا لا بأس به من المؤلفات من مختلف الأصناف والميادين والفنون. وقد ضاق بي المجال لحفظ وصيانة وترتيب هذه الكتب.
وكم حاولت أن أنقل كلفي بالقراءة إلى أبنائي الأربعة، لكن سعيي لم يسفر عن كثير من الجدوى. ورغم أن هذا الأمر يغيظني شيئا ما، إلا أنني أدرك أن الكتاب يواجه اليوم منافسة لا هوادة فيها من طرف الوسائل الحديثة لنقل المعرفة والثقافة. وقد بدأ الكتاب الالكتروني في الانتشار بوتيرة لا تعرف الفتور.
ونحن مضطرون اضطرارا إلى التأقلم مع هذا التطور الذي له إيجابيات لا ريب فيها. فنجد مثلا أن موسوعة يمكن خزنها في قرص مدمج واحد.
لقد أدى التطور الرقمي إلى تبسيط عملية حفظ المعلومات في وسائل أقل حجما من الماضي. وهذه التقنيات تعرف سرعة في الابتكار بحيث أن الأدوات المستخدمة تصبح متجاوزة في زمن قصير.
كما أن شبكة الانترنيت تسمح، بواسطة نقرة واحدة، بالاطلاع على معلومات ومعارف لا حصر لها. ويمكن الآن أن نقرأ المعلقات وشتى الانتاجات القديمة بهذه الوسيلة. وهيهات للانتاجات الورقية أن تضاهي هذه الامكانيات الهائلة.
وقد آن الوقت كي نستفيد من هذا التقدم الضخم في ميدان المعلوميات لوضع تراثنا الثقافي وكل منتوجاتنا الفكرية في شبكة الانترنيت بدل ترك كل ذلك في رفوف الخزانات عرضة للضياع والتآكل مع مرور الأيام.
فليشمر المثقفون وأهل العلم عن سواعدهم ولينقذوا ما أمكن إنقاذه ويتداركوا ما فات من الزمن للمساهمة في إثراء الثقافة العالمية، واستبدال دور المساهم الفعال في تقدم التراث الثقافي العالمي بدور المستهلك السلبي.
إننا نحسب أنفسنا أيقاظا ونحتن في الواقع نغط في نوم عميق!


تقييم:

0

0

مشاركة رابط الصفحة:


التعليق على الموضوع عبر فيس بوك:

التعليق على الموضوع في الموقع:
...........................................................

=== إضافة تعليق جديد ===
الإسم:

المهنة أو المهمة:

نص التعليق:

انقل محتوى صويرة التحقق في الخانة أسفله:
الصورة غير ظاهرة

فكرة وتصميم وبرمجة الموقع: أحمد زربوحي
للتواصل: e-mail: etenma@gmail.com